مهرجان الأجداد والتراث في غزة.. برائحة الزيتون

 

 

أمسكت الطفلة لَما جرس (4 سنوات)، برأس صديقتها إلين أبو حصيرة، من روضة “يا هلا”، لتثبيت تاج مصنوع من أوراق الزيتون، وقد ارتدت الطفلتان أثواباً تراثية فلسطينية، على هامش مهرجان الأجداد والزيتون والتراث الفلسطيني، والذي شارك فيه مئات من الأطفال.

المهرجان الذي نظمته روضة “يا هلا” التابعة لمعهد الأمل للأيتام، ضجّ بباقة متنوعة من الزوايا التراثية لأكلات فلسطينية فاحت منها خلال صنعها وخبزها على أيدي الأطفال وذويهم، رائحة الزعتر والخبز “المسفن” والمعجنات والزيتون، كذلك رائحة الكعك.

في واجهة المهرجان، أقيمت خيمة شعر بدوية مزينة بالأدوات القديمة، وخيمة أخرى للحكواتي، وبجوارها مجموعة نسوة إلى جانبهن يافطة كتب عليها “مخبوزات أجدادنا تمتع أحفادنا”، يخبزن المعجنات والخبز وقد أحطن بالأطفال، علاوة على مجموعة من الأركان الأخرى للتطريز، الحلويات، الفول والترمس والمسليات، والمعمول بالتمر.

وتقول المعلمة في روضة يا هلا، هدية الثلاثيني، إنها تصنع للأطفال أكاليل مصنوعة من أوراق الشجر الصناعية، كذلك تصنع الجوخ “المحافظ الصغيرة” بألوان العلم الفلسطيني. وقد ارتدى الأطفال الثوب الفلاحي والتراثي والجلابيات والسراويل الفلسطينية.

وتقول الطفلة لما جرس لـ”العربي الجديد”، إنها سعيدة لمشاركتها في المهرجان برفقة أصدقائها، بينما توضح صديقتها إلين أن والدتها اشترت لها الثوب التراثي، وأنه جميل وستستمر في ارتدائه. أما عبد الله هنية، الذي ارتدى جلابية بيضاء، فقد عبر عن إعجابه بهذا الزي الذي يلبسه والده.

الدكتورة فاطمة مشهى، التي اصطحبت ابنها محمد أبو النور من روضة يا هلا إلى المهرجان، لتبين أهمية مشاركة الأطفال في الفعاليات التراثية، كونها تعزز ارتباطهم بالأرض والهوية والمكان والشجر، وتقول: “اشتريت لطفلي الزي التراثي، وأخبرته بأهميته، وضرورة الحفاظ على التراث”، داعية أصحاب المؤسسات إلى تكثيف الأنشطة والفعاليات التراثية.

في زاوية المخبوزات، توضح المدرسة عبير عرفات، لـ”العربي الجديد”، أنه تم تحضير عجين القمح للأطفال، كي يقوموا بتجهيز الخبز بأنفسهم، من أجل التعرف على تفاصيل الخبز المصنوع من القمح الذي تنتجه الأرض، مضيفة: “حين يقوم الطفل بالتجربة العملية، لن ينسى ذلك أبداً”.

أما رولا السعدي، والدة الطفل سليم، فتشدد على أهمية الأنشطة التراثية في تعريف الأطفال بأجدادهم وتراثهم وثقافتهم، داعية إلى زيادة الأنشطة العملية التي تعزز وتنمي مواهب الأطفال، وتزيد من قربهم لأصولهم وتاريخهم. وتوافقها الرأي أريج زقوت، والدة الطفلة حلا الشنتف، فتقول “تراثنا فيه كل شيء، الأكل والزيتون والزعتر والكعك، والزي الفلسطيني، والحضارة والتاريخ”.

أما زاوية تصنيع المسفن الفلسطيني، فقد ضمت مجموعة كاملة من النساء، وتشرح أم محمد حمدونة أن المسفن يصنع من الطحين، اليانسون المطحون، الشومر المطحون، القزحة، زيت الزيتون، الخميرة، العصفر، بينما توضح زميلتها في التجهيز نوال أبو رمضان أهمية الحفاظ على الأكلات الفلسطينية الأصيلة، كونها جزءا من التراث والهوية.

ويقول الحكواتي الفلسطيني سلمان أبو عودة “أبو المظفر”، صاحب ركن “حكايا جدتي”، والذي ارتدى زي الحكواتي التراثي، لـ”العربي الجديد”، إنه يحكي للأطفال حكايات عن الشجر والمحافظة عليه، وعن الأرض والأجداد، وعن النول “وهو السجاد الفلسطيني القديم”، مشيراً إلى اندماج الأطفال حين يسمعون القصص عن ماضيهم وعن أجدادهم.

وتقول مها نبهان، مديرة روضة يا هلا، لـ”العربي الجديد”، إن مهرجان الأجداد والزيتون والتراث والذي جاء بالتزامن مع يوم الاستقلال الفلسطيني، يهدف إلى ربط الأطفال بالتراث ودعم دور الأجداد مع الأحفاد، مؤكدة على أهمية تنفيذ الأنشطة الملموسة والعملية للأطفال، لزيادة الاستيعاب، وترسيخ المعلومات.